يقول الله تعالى: { وَیُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِینࣰا وَیَتِیمࣰا وَأَسِیرًا ¤ إِنَّمَا نُطۡعِمُكُمۡ لِوَجۡهِ ٱللَّهِ لَا نُرِیدُ مِنكُمۡ جَزَاۤءࣰ وَلَا شُكُورًا }
كانت حياة فقيدتنا الراحلة تتمثل في مضمون الآيتين الكريمتين، عطاءً مستمراً متدفقاً، حيث تفرح بزوارها، وتقري عوادها، ونارُ موقدها لا تنطفىء، وتونس ضيوفها، وتبسط لهنَّ قلبها، وتخفف على المكلومات مصابهن؛ جبراً لخواطرهن، وتهديهن من صبرها لهن مصابرة؛ تقوي بها عزائمهن، تقبل إليهن فرحةً مستبشرة، خطواتها نحوهن مسرعة، تنفق بسخاء، وتجود كالسحابة تهمي على الأرض فتراها مخضرة، تسمعهن تباشير المحبة؛ فتهيم الأفئدة بحبها، ولا سيما مع البراعم الصغار، تفرحهم بلذيذ الحلوى إذا حلوا عندها، تحادثهم، وتلاعبهم، وتتبسم في وجوههم، وتجلسهم في دارها، وتأخذ معها بعضاً منها، تهديه لمن هم في طريقها إذا أرادت زيارة الأصدقاء، وذوي الأرحام، عرفوها الصغار، فأحبوها، وبكوا فراقها، وعاش معها الكبار، فكانت كبيرة في قلوبهم، عظيمةً في فعالها، وأعقبوا رحيلها ذكر شمائلها الحسنة؛ فرفع الله ذكرها بين الناس، وما أكثرَ شهود الله لها! قد واسونا بذكر شمائلها الحسان، وما قدمته من مكرمات، فكانت شهادةً أخفت عنا الأحزان، بيد أنها تمنَّتْ في حياتها أن يقبضها الله يوم الجمعة، وفي رمضان، وقد حقق الله ما كانت تدعوه به، وها هي اليوم الأماني تتحقق كما كانت ترجوه من خالقها، وتفوز بملاقاة ربٍ كريمٍ رحيم يجود بها إلى الفردوس الأعلى، وهو أكرم الأكرمين، والله يحب المحسنين، فرحم الله روحها الطاهرة الصوَّامة القوَّامة الساجدة الصابرة المتصدقة والمستغفرة بالأسحار، وإلى دار الخلد؛ جزاءً موفوراً، وإنَّا على فراقها لمحزونون، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد.
بقلم
طارق أبو عرينة