• ×

06:51 صباحًا , الأحد 4 يونيو 2023

المدير العام

عربة قطار الاقتصاد تسارع بملامح التغيير الاجتماعي

المدير العام

 0  0  1208
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

المال فتنة بنص القرآن الكريم قال الله تعالى : [ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ . ] وهو زينة كما قال الله عز وجل : [ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا . ] وهو في ذات الوقت عصب الحياة ومن أهم أكثر مجالات التنافس في الحياة ، فالسعي إلى تحصيله مضمار كبير تمتد في فضائه شتى التوجهات منها التوجهات الخيرية والإيجابية التي تستهدف النهوض بالمجتمع نحو الخير والتعاون ومحاربة الفقر ومساعدة المحتاج والتنمية في وجوه الخير ، والتعاون على البر والتقوى ، وقد كان من أبرز الأمثلة على هذا النوع من التنافس ذلك التنافس الذي كان في عهد رسول الله r من الصحابة الذين مارسوا التجارة التي يمكن أن يطلق عليها التجارة الجماعية بمعنى أن مردودها وفوائدها تعود للجماعة بطريق مباشر وغير مباشر ، ولا تقتصر أرباحها على صاحبها وحده الذي يقوم بإداراتها وتنميتها ، ومن ثمّ فإن التنافس يكون دعماً للقيم والأخلاق وترسيخ مبادئ الخير والتعاون والتكافل الاجتماعي ، ويسير وفق معايير إسلامية ومنهج شرعي ، لا يعرف الغش ولا التحايل ولا الخداع ولا انتهاك مقصداً من المقاصد الشرعية المعلومة من الدين بالضرورة .

ومن أقدم التجار في الإسلام الذين كان المردود من تجارتهم في سبيل المجتمع تأتي السيدة خديجة رضي الله عنها ، فقد تزوجت الرسول صلى الله عليه وسلم وهي من أشهر تجار مكة واستعملته على تجارتها ، وبعد البعثة أنفقت عائدات تلك التجارة في سبيل الدعوة ، بل أنها لم تبق من تجارتها شيء تدخره فأنفقته في أوجه الخير ولدعم الإسلام وترسيخ مبادئه ، ولم يحدثنا التاريخ عن أنها قد

خلفت ثروة بعدها ، رغم أن مكانتها في التجارة كانت أشهر من نار على علم في مكة .!

أما التجار من الرجال فمن هؤلاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي انفق ماله في سبيل الدعوة الإسلامية ، وكذلك عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الذي كان مبرزاً في أعمال الإغاثة في المدينة ، حينما يصاب أهل المدينة بمحنة ، وكذلك التاجر الرائع عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي كان علامة بارزة في الإنفاق في أوجه الخير . فهؤلاء كانت منافستهم في الأعمال التجارية منافسة شريفة وأهدافهم كبيرة . ولم يخل المجتمع الإسلامي من أمثلة رائعة في هذه المضمار .

وفي الجانب الآخر يأتي التنافس السلبي الضّار بالقيم والأخلاق والذي لا يرعى حرمة ولا يتورع عن انتهاك القيم والأخلاق ، ولا يحرص على المحافظة على أي من المقاصد الشرعية ، فالمهم الوصول إلى المال وزيادة الأرصدة بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى . ومن رواد هذا النوع تجار اليهود قديماً وحديثاً ، والذين استخدموا كل الحيل والسبل للوصول إلى المال . ولم يقف شيء يحول دون الوصول للتكسب حتى ولو كان ذلك السبيل هو العرض . ولهذا كان اليهود يستخدمون المرأة كإحدى وسائل الجذب الاقتصادي ورفع معدلات نمو الأرباح وتنوعها

وتأتي الصيحات الآن في هذا العصر لاجتذاب المرأة في المجالات الاقتصادية والدعوة إلى مشاركتها بكل الطرق والوسائل . وكأن المرأة لم تخلق إلا من أجل التنمية الاقتصادية والارتقاء بها . وتناسوا دورها الحقيقي في توطيد أركان الأسرة ودعم استقرار بيت الزوجية . وإذا كانت المرأة ذات مال كبير ترغب في استثماره ففي منهج السيدة خديجة خير قدوة وأفضل منهج ، فلماذا الحيدة عنه . وهل بحثت المرأة في الأساليب والطرق التي كانت السيدة خديجة تعمل على ضوئها في تجارتها قبل البعثة وبعدها .!؟

إن ما نشاهده الآن من محاولات جادة وحثيثة لسحب المرأة لاقتحام كل المجالات بما فيه الاختلاط في المنتديات والندوات والمؤتمرات ومشاركتها وهي متبرجة سافرة ومتزينة متعطرة ، رغم ما في ذلك من المخالفات الشرعية ، بحجة إثراء تلك المؤتمرات والندوات بعمق تجارب المرأة وقدرتها على الإبداع في كل المجالات ، متناسين ما يجب عليها كمسلمة من احتشام واحتجاب والتزام بمظاهر الحياء والبعد عن الاختلاط الذي لا تدعو إليه الضرورة . فالمرأة المسلمة يجب أن يكون لها شخصية ذات استقلالية ، فلا يكون تنمية المال على حساب دينها وعقيدتها وحجابها .

صحيح أنه ليس هناك دليل شرعي يمنع ممارستها للتجارة وتنمية أموالها فهذا حق شرعي مكفول لها ، ولكن لا يعني ذلك تخليها عن حجابها وحشمتها وقرارها في منأى عن الاختلاط . فتلك السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها ، مع أنها كانت في الجاهلية ولكنها لم تكن تباشر التجارة بنفسها بل عن طريق توكيل غيرها ، فهلا جعلت المرأة المسلمة من السيدة خديجة t التاجرة الإسلامية الأولى قدوة لها .! ولكن من يسعى إلى تخريب المرأة وتدنيس عفافها والنيل من عقيدتها وتمزيق جلباب حيائها يطالب بمباشرة المرأة لأعمالها وخروجها لمراجعة الإجراءات في كافة الدوائر الحكومية وعدم مطالبتها بالوكيل الذي ينوب عنها بدعوى باطلة وحجة واهية أن الوكيل قد يستغل هذه الوكالة لمصلحته ، مع أن كل التجار ورجال الأعمال لا يباشرون جميع أعمالهم بأنفسهم ، حتى صغار رجال الأعمال فيكتفون بتوكيل معقب ، وكبار التجار لديهم وكلاء ومحامين ومندوبين يعملون تحت إدارتهم لتنفيذ أعمالهم . ويقتصر عمل رجل الأعمال على الأعمال المكتبية داخل مكتبه ، ومع ذلك لم يقل أحد أن هؤلاء الوكلاء والمحامين والمندوبين يستغلون هذه الوكالات لصالحهم ، ولكن الهدف من هذه الدعوة للمرأة لمباشرة أعمالها في الدوائر الرسمية بنفسها وعدم الاعتماد على الوكيل ليس لحمايتها وحماية مصالحها بل من أجل خروجها وتبرجها وسفورها ونزع جلباب حيائها بمخالطتها الرجال .

وهل أتخذت المرأة المسلمة من عمل بنات سيدنا شعيب عليه وعلى رسولنا الصلاة والسلام أسوة ، وقاست عملها على عملهن . فقد كان أبوهن شيخ كبير ، وكانت الضرورة تدعو إلى رعي الغنم ، لعدم وجود من يقوم بذلك ، وقد التزمن بعدم اختلاطهن بالرجال عند السقي وحكى قصتهن القرآن الكريم وليس مجرد قصة يمكن تصديقها أو تكذيبها فقد قال الله سبحانه وتعالى : [ وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ . ] ثم أنهن أول ما وجدن الأجير القوي الأمين سعين إلى أبيهن وطلبن منه استئجار هذا القوي الأمين والاستغناء به عن الخروج لرعي الغنم . قال الله عز وجل : [ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ . ]

إن المرأة المسلمة قادرة على أن تدير أعمالها التجارية مهما كانت كبيرة وفي جميع المجالات التجارية دون اختلاط وتبرج وسفور وزينة وعطور ، وبخاصة أن الأجهزة الحديثة قد سهلت من متابعة الأعمال التجارية مهما كانت سواء إدارية أو مالية أو غيرها ، فالبرامج الحاسوبية اختصرت طرق الإدارة والتوجيهات والرقابة والمتابعة ومعرفة الإيرادات والمصروفات بدقة متناهية أولاً بأول ، والتحويل البنكي من العملاء والبلاغات التي تصل إلى العميل من البنك سواء بالسحب أو الإيداع اولاً بأول من الأمور التي تسهل العمل في مراقبة الواردات والمصروفات . والبرامج الحاسوبية أيضاً الخاصة بالمخازن والمستودعات ومراقبة المخزون ومعرفة الموجود والمنصرف من كل نوع كلها تتم بمجرد ضغطة زر على جهاز الحاسب الآلي فتكون واضحة بياناتها وكمياتها أمام سيدة الأعمال وهي في بيتها فلماذا الإصرار على خروجها ومشاركتها في الندوات والمنتديات الاقتصادية .

قد يقال : أن هناك حاجة تدعو إلى عرض تجارب المرأة وخبرتها التجارية وتحصيلها العلمي وإلقاء كلمة في مثل هذه المنتديات والندوات والمشاركة فيها .!

والجواب على ذلك : أنه بافتراض صحة هذا القول ، إلا انه يمكن للمرأة أن تسجل تلك الكلمة ويتم إذاعتها في المنتدى ويتحقق الهدف ، أو يمكن أن يتم إلقائها نيابة عنها أحد المسؤولين في المؤسسة أو أحد اقاربها ، طالما أن الهدف هو عرض التجارب والخبرات وبهذا يتحقق الهدف المطلوب . فكثير من كبار الساسة في العالم وعظماء رجال الاقتصاد ، بل أحياناً رؤساء الدول يتم إلقاء كلماتهم نيابة عنهم في المؤتمرات والمنتديات ، فإذا كان الأمر كذلك فلما لا يتم هذا الأمر لسيدات الأعمال ومن ثم يتم تجنب التبرج والسفور والاختلاط .

إن هؤلاء الذين يمهدون لقطار الاقتصاد الطريق للانطلاق بالمرأة بعيداً عن مكانتها الإسلامية ومسؤوليتها الأسرية ، ومحاولة سلب حيائها والدفع بها للتبرج والسفور لن يجدون حجة شرعية أو نظامية أو عقلية قوية لإقحام المرأة المسلمة في مؤتمرات وندوات تتعرض فيها للاختلاط إلا مجرد أوهام وظنون لا أصل لها ولا أساس . والدليل على ذلك عدم تفعيل القرارات الصادرة بشان عمل المرأة عن بُعد ؟!

اللهم احفظ نساء المسلمين من مكر الماكرين وحقد الحاقدين

التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 06:51 صباحًا الأحد 4 يونيو 2023.