• ×

06:13 صباحًا , الأحد 4 يونيو 2023

المدير العام

حيرة

المدير العام

 0  0  1105
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

لم يعد الإنسان في قدرته أن يتحمل كل هذا الكمّ الهائل من التناقضات الفاضحة والوقائع التي تشيء بروح العدوانية على القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية وممارسة القتل والتزييف وإهدار النفوس وانتهاك الأعراض وتدمير الأوطان ، تحت ذرائع مختلفة وأسباب متعددة ومبررات متنوعة ، لكنها في النهاية تعتبر كلها مجرد مخادعة وكذب وافتراء في عالم يسمونه السياسة ، ولو وصفوه على حقيقته لكان الوصف شنيعاً وقمئاً ، بل وقذراً إلى الحد الذي سوف يتنصل منه كل من يدعي السياسة ، في هذه المجالات ، ولتواروا خلف جرائمهم وأكاذيبهم ، وتستروا خلف أسوار إعلامهم المزيف والكاذب والذي يمارس أسوأ أنواع التضليل والتزييف ، والضحك على الناس والاستهتار بالعقول والعزف على أوتار الدجل والأحلام الكاذبة والآمال الخاطئة .

صحيح أن الأيام السابقة علمتنا ، والحوادث المؤلمة أخبرتنا والوقائع الخطيرة شهدت بما كان وما يكون ، بل أن التاريخ قد دون في صفحاته السوداء ، في عصورنا المتأخرة الهوجاء ، وبحروف من اللون الأحمر القاتم المنتن الذي يزكم الأنوف ، ومن خلال هذه الأحداث التي تموج في بعض دول عالمنا العربي - علمنا - أن السياسة والأخلاق لم تعد بينهما علاقة ، وأن السياسة تكون أينما حلّ الكذب , وإن الصدق والسياسة ضدان لا يجتمعان - وبخاصة في هذه العصور المتأخرة بعد أن جاء بعض من يمارس السياسة ووجدوا أنفسهم في بؤرة الأحداث ، دون زاد من أخلاق ، أو عدة من قيم إنسانية ، أو تجربة ناجحة في التعامل مع الناس . أو أهداف تعود لأوطانهم خاصة والأمة الإسلامية عامة بالخير والصلاح ، ثم جاء من خارج الوطن العربي والإسلامي من زاد الطين بلة ، وتوغل وتغلغل في جسد الأمة حتى أصبح سرطاناً يدمر ما حوله .

ويتضح ذلك جلياً لكل ذي عينين من هذا التناقض بين القول والفعل لهؤلاء الذين يسمون أنفسهم سياسيون ...
فحينما يتحدث بشار الأسد عن الأخلاق ومحاربة الإرهاب والحرية والنماء والتطور وهو يقتل شعبه بالبراميل المتفجرة ، ويدمر المباني والمدارس والمستشفيات والمصانع ، ويحرق الأخضر واليابس ، ويفتح حدود بلاده لتدخل إيران وروسيا لقتل شعبه . ويصرح بأن الجنسية السورية ليس للسوريين الذين يعيشون في البلاد من آلاف السنين بل هي لكل من يقف بجانبه في قتل شعبه . فماذا يسمى هذا .!؟

وحينما يتحدث علي عبد الله صالح عن المعتدين وعن الخيانة وعن الأخطار التي تهدد وحدة اليمن وضرورة مواجهة التحالف ، وهو الذي خان شعبه خلال اثنين وثلاثين عاماً ثم يبيع اليمن لإيران والحوثيين ويقف معهم ويطلب إحراق الأخضر واليابس في اليمن . لأنه خرج من الرئاسة . فأي سياسة تلك ؟!

وحينما يتباكى ملالي طهران على سوريا واليمن وشهداء التدافع في الحج ، وهم الذين فجروا القنابل في الحرم الشريف في الأشهر الحرم ، وجيشوا الكثير من المرتزقة لقتل السنة في كل مكان . فأي أخلاق أو مبادئ هذه؟!

وحينما يتحدث السيسي عن الديمقراطية وحرية التعبير وحماية المسلمين والدفاع عنهم ، بينما سجونه يقبع خلف أسوراها أكثر من خمسين ألف معتقل خلال سنتين . ويدمر مدناً وقرى في وطنه في سبيل تأمين حدوده مع إسرائيل . ويدعو العالم العربي من على منبر الأمم المتحدة بتوسيع التعاون مع إسرائيل . فأي نوع من السياسة هذه.!

وحينما يكون عباس رئيسا لفلسطين ومسؤولاً عن مصالح الفلسطينيين كافة ، ثم يتفق مع السيسي في إغراق أراضي غزة بالمياه المالحة لقتل البشر والزارعة . فأي توجهات هذه . !

وحينما يتحدث أوباما عن إحلال الديمقراطية ودعم الاستقرار في الشرق الأوسط وهو يلعب على الحبلين فيتحالف مع إيران ويصمت عن جرائمها وتدخلاتها في شؤون جيرانها ، وطائراته تقصف مجمعات افراح الأعراس والمآتم والمستشفيات في افغانستان ويدعم إسرائيل في ارهابها ضد الفلسطينيين وبلا حدود ويشجعها على قتل الفلسطينيين ويحميها من صدور أي قرار في الأمم المتحدة ضدها . فأي معنى للسياسة يكون هذا ؟!

وحينما تتحدث روسيا عن محاربة الإرهاب وأنها ستأتي بما لم يأتي به التحالف الدولي في محاربة الإرهاب فإذا بطائراته وصواريخه تقتل المعارضة السورية ، وليس داعش ، بل وهو يقتل المعارضين السوريين يسمي ذلك بالحرب المقدسة ويصمت العالم الإسلامي دون تحريك او اعتراض . كما صمت حينما قالها بوش الأبن في حربه السابقة . فأي معاني سياسية لهذه الأقوال والأفعال ؟!

وحينما تتحدث الحكومة العراقية عن الديمقراطية ورعاية الشعب الواحد بينما تجيش وتدعم قوات الحشد الشعبي لقتل أهل السنة في العراق . وتظهر الفوارق الكبيرة في تعاملها مع أهل السنة والشيعة . فأي منطق سياسي يمكن قبوله هنا ؟!

وحينما يتصدى اللبراليون والعلمانيون والجهلاء عن فقه الجهاد وعن مبادئ وقواعد التسامح والتعامل مع غير المسلمين . وهم أبعد الناس عن التسامح والتعامل مع من حولهم فأي مبادئ يستندون إليها . ؟!

وحين يتحدث الداعشيون عن مبادئ الإسلام وأحكامه ، ويدعون أنهم يمثلون جبهة للدفاع عن الإسلام ، وقيام دولته ، وهم يفجرون المساجد ومكان العبادة ، ويعيثون في الأرض فساداً . ويقتلون بلا رحمة ولا هوادة في طول البلاد الأسلامية وعرضها . ولم يتوجهون إلى إسرائيل فأي إسلام يتحدثون عنه وأي سياسة يعتمدون عليها .

وحينما يتحدث زعيم حزب الشيطان في لبنان أنه يعمل من أجل تحقيق الكرامة والقوة والحماية للشعب السوري ، وهو السبب في تحطيم الجيش اللبناني وارهاق الشعب بمليشياته البغيضة الطائفية ، وحين يتدخل في سوريا ليقتل الأطفال والشيوخ ويفجر بجانب الطاغية بشار يصرح بأنه يدعم الشرعية ويحقق العدالة . فأي سياسة كاذبة يتعبها هذا الأفاق . ؟!

وحينما تكون هذه المظاهر كلها - وهناك غيرها كثير - مع ما تحمله من التناقض والتعارض والتزوير والكذب والفجور - تسمى سياسة وهي التي تحكم المشهد العبثي في بعض دول الشرق الأوسط خاصة والعالم العربي عامة . فإن تفكير الإنسان يعجز حينئذٍ عن التفكير وعن الإحاطة بمثل هذا الوضع . وعن استيعاب ما يحدث ، وتكون الحيرة هي سيدة الموقف .

اللهم أحفظ أوطان المسلمين عامة ووطننا خاصة بحفظك وردّ عنه كيد الكائدين ومكر الماكرين وحسد الأشرار واجعله آمنا مطمئناً تحت رعاية خادم الحرمين ملك الحزم والعزم سلمان بن عبد العزيز .


التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 06:13 صباحًا الأحد 4 يونيو 2023.